arablog.org

Tag Archive: إرهاب

لمن أثير الإف إم في بنغازي اليوم؟

قبل سنوات عديدة لم يكن بأثير الـFM في مدينة بنغازي سوى إذاعتان حكوميتان “إذاعة الجماهيرية العظمى” الناطقة بلسان الحكومة آنذاك و”إذاعة بنغازي المحلية” وقبيل فبراير/شباط 2011 بسنوات قليلة ظهرت للوجود محطتي “الليبية إف إم” و”ليبيانا إف إم” التان خصصت جل وقتهما للموسيقا والترفيه، إضافة لراديو الإيمان لتلاوة القرآن والأحاديث.

بعد سيل فبراير

مواكبةً للسيل الإعلامي في كل شيء المترافق لأحداث فبراير شباط 2011 في بنغازي تكونت العشرات من محطات الراديو الليبية ذات الطابع التعبوي الثوري بعد إيقاف راديو “إذاعة الجماهيرية” وأخواتها، وبعثت راديوهات دولية كالجزيرة ومونت كارلو وبي بي سي والآن وغيرها، لم يدم الأمر طويلاً فبعد أشهر اختفت جل الراديوهات المحلية وبعض الدوليات.

فجر وكرامة -ليبيا.

في منتصف عام 2014 الماضي إندلعت الحرب الأهلية الثانية باسماء “كرامة ليبيا” و”فجر ليبيا” كعمليات عسكرية، وكان لكلاهما أثرًا جلي على أثير الراديو، فسارعت عملية فجر ليبيا بعد سيطرتها على طرابلس بإخراس محطات الراديو المعارضة لها، وقامت نظيرتها “الكرامة” بالأمر نفسه عند دخولها لبنغازي فتوقفت راديوهات محسوبة على الإخوان المسلمين كراديو المنارة وراديو أجواء، وراديو آخر كان يبث لصالح تنظيم أنصار الشريعة، إضافةً لإيقاف راديو الجزيرة.

عمليًا بعد دخول قوات مجلس النواب “عملية الكرامة” لبنغازي توقفت كافة الراديوهات عن العمل وعادت تدريجيًا رفقة راديوهات جديدة تبث لصالح العملية، إلى أن إستقر الأثير -كما يبدو- إلى ما هو عليه الآن بعد 5 أشهر من الحرب داخل المدينة لا مشارفها ليصير عدد الراديوهات 8 كلها ليبية إلا واحدة فقط.

 

88.1 راديو سوا

راديو أميركي يبث على مدار الساعة أغانٍ عربية وغربية مصحوبة بأخبار موجزة وفقرات إذاعية.


 

89.3 راديو ليبيا الوطنية

الإذاعة الرسمية المفترضة للدولة تتبث من طرابلس وتتبع لحكومة المؤتمر الوطني العام.


 

90.5 راديو بي بي إن

راديو BBN “شبكة راديو وتلفزيون بنغازي” محطة إذاعية تابعة للسلطات المحلية بالمدينة يهتم بالشؤون لمحلية في إطار بلدية بنغازي.


 

96.9 راديو أثير المدينة  

محطة إذاعية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية تبث أناشيد جهادية ودروس وعظية إسلامية تحث على الجهاد في المجمل.


 

98.7 راديو الوسط  

راديو خاص يبث من القاهرة يتبع للصحيفة الليبية “الوسط” يبث أغاني وبعض البرامج الإذاعية المنوعة


 

99.1 راديو ليبيا الكرامة  

بث إذاعي لتلفزيون ليبيا الكرامة الداعم لعملية كرامة ليبيا العسكرية، يبث برامج إخبارية وحوارية


 

 

99.5 راديو وطن الكرامة  

بث إذاعي لتلفزيون وطن الكرامة يبث برامج إخبارية وحوارية داعمة لعملية الكرامة العسكرية، يبث من القاهرة.


 

100.1 راديو ليبيانا هيتس

Libyana HITS FM محطة إذاعية ليبية شبابية تبث الأغاني الغربية رفقة العربية مع نشرات إخبارية قصيرة باللهجة المحلية.

حرب الإسلام ضد الإسلام

في طفولتنا كانت حروب العالم مقتصرة عندنا على الحرب الفسطينية-الإسرائيلية، اليهود الأشرار ونحن المسلمين الأخيار هكذا تربينا في غفلةٍ من أمرنا، لا يحتاج الأمر لأكثر من ذلك لشن الحروب، مُنذ القدم باسم الإسلام زحفت الجيوش لتستعمر مدنًا وقرى وتجتاح أقاليم، وباسم الصليب فُعل الأمر ذاته، فالدين له نكهة خاصة في الترويج للحرب.

في 2011 وعطفًا على إنتفاضة منتصف فبراير من العام نفسه، ظهر الإسلام منقسمًا بشكل فظيع -محليًا- فذات الإسلام الذي يكفِّر القذافي في بنغازي ويبارك التحالف الدولي ويصفه بطيور الأبابيل المناصرة للمستضعفين المسلمين من طغيان العقيد، ظهر الإسلام بشكلٍ مغاير تمامًا في طرابلس إسلامٌ يبارك للعقيد ولي الأمر الرشيد، ويجرم التحالف والإستقواء  بـ”الصليبيين”، وأعلنت حربًا دينية، كلاهما دعى لها نصرة لذاتِ الدين “نصرة الإسلام من الطاغوت” أذنَ المُنتفضين، “نصر الإسلام ضد الصليبيين” قال الآخرين، إنتهت حرب 2011 بإنتصار “الإسلام المحارب للطاغوت” وهكذا استمر الإسلام أداة نداء لكل حرب.

لم تتوقف الحروب الأهلية في ليبيا بعد 2011، حيث استمرت بمنحى قبلي مصغر في مناطق مختلفة دون إهتمام أو مبالاة فهي “شيء طبيعي” في ظل المناخ الحالي وظل المحللون يمتدحون الوضع وكيف أن الليبيين رغم كل هذا السلاح ينعمون برغد العيش والأمن النسبي الأفضل من أميركا، حتى اندلعت الحرب الأهلية 2014 المستمرة حتى اليوم، وكما جرت العادة نادى المتقاتلين الإسلام، فالدين صار كطبول الحرب.

هلموا لقتال كلاب النار، الخوارج” كان ذلك شعار مقاتلي “عملية الكرامة” التي تضم بالأساس ما تبقى من قوات الجيش بعد مئات عمليات الإغتيال بالتفجير والرصاص في عدة مدن ولو ان بنغازي احتضنت معظمها، وتحالف السلفيين معهم.

القتال لإعلاء كلمة التوحيد، وتدمير الطواغيت..” أعلن مقاتلي جماعة أنصار الشريعة ومن تحالف معهم في مواجهة مقاتلي عملية الكرامة الذين تم تكفيرهم جميعًا وعلى رأسهم قائدة العملية خليفة حفتر الذي وصف بالطاغوت، ولم يدم الحال طويلاً حتى خرج على المشهد تنظيم الدولة الإسلامية، وصار الإسلام يحارب إسلامًا، يحارب الإسلام!

أطفال بسرت يشاهدون رتل لجنود الدولة الإسلامية بولاية طرابلس (من حساب موالية للتنظيم)

أطفال بسرت يشاهدون رتل لجنود الدولة الإسلامية بولاية طرابلس (من حسابات على الإنترنت موالية للتنظيم)

في ظل بيئة داعمة للتطرف الديني من ناحية الفقر والتعليم السيء والفرص المنعدمة، يصير الخطاب الديني الداعي للعنف من قبل أي طرف وقود لإشعال محرقة حرب مستعرة؛ حربٌ وقودها الدين، تلتهم الشباب والأطفال في الأساس، وأشياء أخرى، وليس هدفها سوى النفط، وإن ظهرت أسباب أخرى للعلن لا علاقة لها بالنفط.

إسلام ضد إسلام، لأجل البترول!


العنوان مقتبس من كتاب للفيلسوف الصادق النيهوم، لم يصادف أن قرأته حتى الآن.

 

لماذا ليس علينا أن نكره سنة 2014؟

كعادتنا، من سنةٍ إلى سنة نترحم على السنون السالفة ونلعن سنتنا المُرة، الحنين للماضي هو نمط حياة مجتمعنا، ليس المجتمع الليبي وحده إنما كافة -لنقل جُل- مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لماذا ليس علينا أن نكره سنة 2014 في ليبيا تحديدًا؟

بداية لطيفة

إنتخابات الهيأة التأسيسية (لجنة الستين)

VOTED

إنتخاب ممثلي سرت في الهيأة التأسيسية – صورة من تويتر @LibyaFromFrance

في مطلع عام 2014 وفي يومه الأول تُبشرنا وكالة الأنباء الليبية الحكومية بخبر إعلان المفوضية الوطنية العليا للإنتخابات بتخطي عدد المسجلين في قوائم الناخبين المليون ناخب، الرقم الهزيل نسبيًا مقارنة مع إلإنتخابات التشريعية 2012، وفي ذات الوقت إنطلقت حملة الدعاية الإنتخابية لمرشحي الهيأة التأسيسية المكلفة بإعداد وصياغة الدستور، دستورٌ يتفائل به المتفائلون -لأكن منحازًا وأقول الواهمون- ولا يرى فيه المتشائمون إلا حبرٌ سيلوث الورق لا أكثر ولا أقل في ظل أنا السلاح بيد “المجتمع الجاهل”.

“إنتخب من أجل دستورك” الجملة التي ملأت الطرقات ولاقتك أينما وليت وجهك في المدن الليبية الكبرى بالخصوص، وبنسبة 45% شارك الليبيون في “إعداد دستورهم” في إنتخابات يوم 20 فبراير/شباط، عزوف كبير في التسجيل الميسر والمشاركة بسبب “يأس” عم الشارع من إمكانية التغيير والسلبية كما وصفت آنذاك، وفي مقابل كل ذلك كانت مفوضية الإنتخابات قد أعدت إنتخاباتٍ بمستوى جيد جدًا إعلاميًا وتنظيميًا -عن نفسي في يوم الإنتخاب ذاك شعرت للمرة الأولى في ليبيا بأنني أعامل كإنسان!- وإن لم تنتخب كل المدن ممثليها بسبب مقاطعة الأمازيغ المطالبين بحقوقٍ لهم، وأحداث عنف وتطرف عصف بمدن أخرى على رأسها بالطبع مدينة درنة.

إنتخابات مجلس النواب

الليبيين بشيكاغو: إنتخاب مجلس النواب الليبي - صورة عن @libyanproud

الليبيين بشيكاغو: إنتخاب مجلس النواب الليبي – صورة عن @libyanproud

موظفي الإقتراع لإنتخابات مجلس النواب - طرابلس

موظفي الإقتراع لإنتخابات مجلس النواب – طرابلس

بعد أسابيع قليلة من إنتخابات فبراير شباط التأسيسية جرت إنتخابات تشريعية في 25 يونيو/حزيران التي أفضت بتأسيس مجلس النواب إنصياعًا لإحتجاجات شعبية واسعة باسم “لا للتمديد” في مدن ليبية مختلفة طوال أشهر ضد “المؤتمر الوطني العام” وصلت إلى حد تهديد هذا الأخير بالهجوم المسلح عليه من قبل ميليشيات لثوار سابقين محسوبة على مدينة الزنتان.

هذه الإنتخابات هي الأخرى لم تمد سنتنا “2014” بروح الأمل اللازم بعد فقدان كل ما أمكن تشربه من إنتخابات “لجنة الستين”، الإنتخابات التشريعية مرت بظروف عسيرة وصراع مسلح على أشده ما بين ميليشيات شبه نظامية ونظامية أعلنت عن “عملية الكرامة” للقضاء على جماعة “أنصار الشريعة” وحلفائها والتي لم تكن مدرجة أمميًا على قائمة الإرهاب وقتها.

مظاهرة لا للتمديد بطرابلس – عن ميديا ميدان الشهداء

فرحٌ كروي

إحتفالات في طرابلس للفوز بكأس أمم أفريقيا للمحليين – عن ميديا ميدان الشهداء

“علي الزغداني” فرحًا بفوز المنتخب الليبي

في يومٍ ماطر من أيام يناير/كانون الثاني المئِات من الليبيين إحتشدوا في ميدان الشهداء بقلب العاصمة طرابلس كانت تلك اللحظة تجسد عودة الإنسان الليبي إلى حالته الطبيعية العاشقة للحياة والترفيه، العاشقة للمستديرة التي صارت لا شيء بسبب وباء التسلح المنتشر والعنف المتصاعد، كانت تلك الصور المميزة للزغداني فرحًا بفوز منتخب بلاده وظفرها لكأس بطولة قارية للمرة الأولى في تاريخها خير تعبير عن ما يجب أن يشغل بال الليبيين، لكن هذا لم يدم طويلاً.

نهر الموت – الحرب الأهلية

طائرة ليبية تحترق على مدرج مطار طرابلس الدولي – صفحات فيسبوك

لا تأثير “للأحداث اللطيفة” في وجه العنف والموت المتصاعد، بنغازي التي فتح صنبور الإغتيالات فيها لأعوام إنفجر وصارت الإغتيالات فيه يومية بأعداد ليست بالهينة، وفي نهاية الربع الأول من العام ظهر ما عرف بعملية الكرامة للقضاء على متطرفين إسلاميين أتهموا بالوقوف وراء عمليات الإغتيال الروتينية بالمدينة، لتنطلق حربٌ لم تنتهي حتى الآن.

معارك بمنطقة الصابري في بنغازي - عن @fadelullahbujw2

معارك بمنطقة الصابري في بنغازي – عن @fadelullahbujw2

كيف لنا أن لا نكره سنة 2014 وفيها قد خطفت روح توفيق بن سعود وسامي الكوافي، وسلوى بوقعيقيص، مفتاح بوزيد، والكثير؟! هل سنكره سنة 2015 أيضًا؟! لا أحتمل غير ذلك حقًا.

التحالف مع الشيطان!

قرأنا الكثير عن التحالف مع الشيطان، سمعنا الكثير عن ذلك، حتى إن “شعبنا الليبي العظيم” قد قال نهاية الستينات ’’إبليس ولا إدريس‘‘ كرهًا في الملك إدريس السنوسي الأول، ومن ثم وصفوا من فرحوا بمقدمه -أي معمر القذافي- بالشيطان، والقرد، وإلى أخر القائِمة إلى أن وجد الشعب الليبي العظيم أو وجدنا أنفسنا أمام خياران لا ثالث لهما وإن كان فعلاً يوجد وهو الحياد فهو غير مرحب به من أي طرف وصعب التحقيق اليوم.

لديك شيطانان “إرهاب عسكر” و”إرهاب دين” من تختار أيها المطحون المسكين؟ عن نفسي حسمت الأمر، والأرجح أن الحرب الأهلية الدائرة الآن حسمت رأي جمَّ الليبيين، هكذا أزعم على الأقل! إن كنت ممن يطلق عليهم أو يطلقون عليهم صفة “التيار المدني” فأنت ستدعم “الإرهاب العسكري” وإن كنت من “أعداء الليبرالية والعلمانية” فأنت ستصف لجانب “إرهاب الدين”.

اليوم، كليبي تجد نفسك مخيرًا بين دولةٍ تارة توصف بالدينية، وتارةً بالثورية، فاليمين يدعوك إلى أن تصُف لجانبهم لنصرة الدين ورفع كلمة الإله ونصرةِ الثورة التي قامت على “الطاغوت القذافي” وقوانينه الوضعية، أو أن تكون أمام الدولة المدنية التي ظننا أن “الثورة” قامت لأجلها هكذا قيل لنا في بيانِ إنبلاجها المسمى ببيان إنتصار ثورة 17 فبراير!

بينما تحالف “الثوار” مع “أنصار الشريعة” ليعلنوا رفضهم “الطواغيت وديمقراطية الغرب”، تحالف “المدنيون” أو بالأحرى مدّعييها مع “العسكر” لحماية الدولة، بينما أعلن تحالف الشيطان الثوري الديني على غلبة فكره المتطرف الرافض للديمقراطية، أعلن تحالف الشياطين المدني العسكري على غلبة فكره المدني الملتزم بالنهج الديمقراطي، بعد هذا لأي أحلاف الشياطين قد تنضم؟ إنك ما بين السجن، والتعذيب، وبين أن تذبح وتجلد، إنك مخيرٌ بأن تختار أهون السيء، وأن تأمل بأن خيارك سيأتي بالأفضل اليك!

على كل ما في من علاقة العسكر بالمدنية من تضاد، فهي أرحم بقليلٍ من الكثير من تطرف الدين وإرهابه من الإرهاب بِاسم السماء!

وداعًا يا سامي وتوفيق!

توفيق بن سعود

توفيق بن سعود في إحدى التظاهرات بمدينة بنغازي

مدنية وإن طال طال النضال، هذه كانت جملة توفيق بن سعود الدائمة في أيامه الأخيرة المقتبسة من كلمة المناضل الراحل عبدالسلام المسماري توفيق الفتى الصغير ذو الحلم الكبير، لطالما آمن بالأمل والمستقبل الجيد للبلاد، كان يسعى وكنت دائمًا ما أحاول تثبيط عزمه، كان يؤمن بليبياه، كان حُرًا متحررًا داعيًا للحرية، كان مسالمًا كان فتى جيدًا، كذلك رفيق سامي سامي الكوافي.

توفيق بن سعود

حاملاً شعار “الدم الليبي خط أحمر”

توفيق الناشط، توفيق مات، قتِل! مستحيل، بعد يومين كان سيقدم ورشة عمل عن المواطنة الفعالة، كيف يموت؟ this must be a joke!

سامي كان كالظل لتوفيق ما من عملٍ أو نشاط إلا وسامي بلا شك حاضر، مات سامي ومات توفيق.

متّ يا توفيق بعد أن أديت الكثير وكان أمامك أن تؤدي الكثير، في كل يومٍ من حياتك كنت ترسخ في فكرة العمل المدني الشباب السلمي، في أرضٍ كانت مليئة بالحقد والتنازع والإحتراب، متّ يا توفيق قبل أن تفي بوعدك لي وقبل أن نجريّ ورشة العمل الخاصة بالتدوين والمدونيين الليبيين، من سأستشير الآن؟ رحلت قسرًا قبل ان تؤدي الكثير من أحلامك وطموحاتك، كنت الأول دائمًا في أي عملٍ سلمي، كنت الأول من أجل أطفالِ تاورغاء المهجرين، كنت الأول من أجل التناظر والرقي بالحوار وتبادل الأفكار، كنت الأول من أن يحل السلام، كنت الأول من أجل نظامة مدينتك، من أجل السلام، من أجل البيئة، من أجل الأرض..

توفيق لم يكن فتى لم يتجاوز العشرين عامًا فقط، توفيق كان أكثر بكثير، آسف يا توفيق! خذلناك.

سنفتقدك.

جدليّة الدراسة الجامعية في خضم الحرب الأهلية!

جامعة بنغازي

جامعة بنغازي

مضت أشهرٌ طوال منذ أن توقفت الدراسة بجامعة بنغازي [مُنذ منتصف أيار/مايو] حيث أعلنت الميليشيات شبه النظامية بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر حربها على “الإرهاب” وبادلته الميليشيات الإسلامية  المتطرفة إعلانها الحرب على “الطاغوت” حفتر، وفي الغرب هناك بطرابلس، فقد أعلنت الجامعة إيقافها الدراسة مُنذ مطلع آب/أغسطس الحالي بعد أن تزايدات حدة الصراع ما بين ميليشيات إسلامية وأخرى شبه نظامية، وبعد أن بأتت الجامعة غير بعيدةً عن مرمى النيران؛ اليوم جامعة بنغازي تعلن إستئناف الدراسة في الثلاثين من الشهر الجاري، بينما أعلنت طرابلس إستئناف الدراسة في منتصف الشهر المقبل، أيمكن ذلك؟

توقفت الدراسة بالأساس في بنغازي لتواجد معسكراتٍ رئيسية للميليشيات المختلفة والمتقاتلة بمحيط الجامعة، ففي إحدى أيام مايو الماضي تحصن عناصر إحدى الميليشيات بداخل الحرم الجامعي بعد أن تعرضوا لهجومٍ من قبل ميليشيا أخرى معادية لهم، وكذلك سقوط قذائف صاروخية مجهولة المصدر لعدة مرات ألحق بعضها أضرار مادية بالغة نسبيًا وفي أحيانٍ أخرى كانت تسقط في أماكن خالية. حسنًا دعونا وفقًا لما سبق أن نفكر هل من الصواب إستئناف الدراسة؟ هل من شيءٍ  قد تغير؟ أانتهت كل الأسباب السابقة؟ قطعًا لا، بل زادت.

’’ يوجد بالجامعه منطقة تملك فيها قوات كتيبة الـ21 أمر بإطلاق النار وهي المنطقة المحيطة بداخلي البنات؛ ونحن اصلاً شن نِبّوا فيها؟‘‘

– د. محمد المنفي، رئيس لجنة الأزمة والناطق الرسمي بإسم جامعة بنغازي

جامعة بنغازي تُصر على أن تستأنف الدراسة نهاية الشهر الحالي حتى لا يضيع الوقت هباءً غير مباليةً بالوضع الأمني المتأزم بالمدينة مكتفيةً بوعودٍ من جانب الميليشيات الإسلامية المتطرفة والشبه نظامية بعدم التعرض لها، الوعود التي لا يمكن بأي شكلٍ من الأشكل الوثوق بها!

يقف عددٌ لا بأس به لصالح قرار إستئناف الدراسة خصوصًا أولئك ذوي الفصل الدراسي الأخير قُبيل تخرجهم وإنهاء حقبة مريرة بين جدران الجامعة الإسمنتية البالية، من حقهم أي نعم ولكن إستئناف الدراسة في وضع الحرب العلنية هذه مسٌ من الجنون، ناهيك عن الخطة الحالية للجامعة التي ترى الإكتفاء بما تم منحه من منهج دون إكماله والإمتحان فيه مباشرةً، الأمر مثير للغثيان فنحن لا نشهد تعليم رديء وحسب بل ومنتوج رديء أيضًا على غرار الـ80% نجاح في الشهادة الثانوية لسنة 2014، بفضل الغش والفوضى طبعًا.

جامعة طرابلس - كلية الهندسة

جامعة طرابلس – كلية الهندسة

جامعتي طرابلس وبنغازي تُصران على إستئناف الدراسة رغم الظرف الحرج الحالي في كلتا المدينتين والذي يزداد سوءً لا إستقرارًا يومًا بعد يوم من دون وضع أيّ إعتبار لمسألة النزوح المكثفة التي شهدتها عددٌ من أحياء كل من طرابلس وبنغازي ناهيك على من غادر البلاد بأكملها تخوفًا على نفسه من رأي أو موقفٍ قد تبناه في إطار الإحتراب الأهلي الحالي.

اليوم بات لدينا عدة سيناريوهات قاتمة حول مستقبل الجامعات في حال تم فعلاً إستئناف الجامعة مقابل سيناريو جميل هو أشبه بالحلم وهو أن تعود الدراسة مجددًا وتجرى الإمتحانات دون أيّ عراقيل أمنية مصاحبة غير غياب جُل الطالبات لطبيعة المجتمع وتخوف أسرِهن عليهن، هذا هو السيناريو الأشد وردية؛ حيث بالإمكان رسم سيناريو تطويق الجامعات من قبل أي ميليشيا وفي أيٍّ من الجامعتين، ويمكن تصور سيناريو أشد وحشيّة بإندلاع معركة مفاجِئة في محيط الجامعة قد تنتقل إلى داخل الجامعة.

كل هذه السيناريوهات وغيرها لا يمكن بأي شكل الإستخفاف بها فهي قبل جدًا للحدوث فالأطراف المتقاتلة حاليًا ليس لها ذرة من عقل تفكر به قبل أن تباشر أعمالها المدمرة الغبية، ولكم في ما حدث من تدمير وتخريب في كلتا المدينتين ومن قبل كافة الميليشيات مثال واضح وجلي على أنه ينبغي الوجل والحذر قبل إتخاذ قرارٍ متعجل بإستئناف الدراسة دون تفكيرٍ معمق في عواقف قرار مصيري بحق الألاف من الطلاب والطالبات والإكتفاء بالسخرية من هكذا سيناريوهات والتعويل على شعارات جوفاء حول وطنية الليبيين و”هاذول ليبيين زينا مستحيل يديروا هكي” فرغم كل ما حدث وما يحدث في ظل الحرب الطاحنة لا يزال البعض غارقٍ في وهم “الليبيين شعب طيب” وأصيل، أو التستر بحجج الدين “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا” والعمر واحد، واللي كاتبها ربك تصير! يلقون بأنفسهم إلى التهلكة ثم يقولون لما هلكنا، هكذا إعتدنا، المثير للسخرية هي حجة إعادة الدراسة لإجبار الميليشيات على وقف القتال! ويكأن عاشقي الدم المتقاتلين يخشون سفك الدم! ليست هذه الأسباب فقط المبررة لإيقاف الدراسة فالنازحين والحالة النفسية وأسبابٌ أخرى تعد اسبابًا أساسية لتبني فكرة

أوقفوا الحرب، وإلى حين ذلك أوقفوا الدراسة؛ السلامة العامة أولاً.

المشهد السيريالي للحرب الليبية.. شهادتي على النزوح

بنغازي نهاية العام 2011

بنغازي نهاية العام 2011 (أرشيف)

لشخصٍ مثلي لا يتخطى عمره 20 عامًا، يبدو النزوح شيئًا جديدًا، أو على الأقل بالنسبة لي، لكنه قديم، فيما يبدو، قدم التاريخ في ليبيا مُنذ حرب 1911 إبان تقدم القوات الإيطالية نحو البلاد، من هناك تولّدت مصطلحات ص ش،  والعايدون!

 وصاد شين تقال لـ”صادش” أحيانا؛ هي بالأساس اختصار للصحراء الشرقية، وتطلق على من غادروا ليبيا نحو مصر إبان الحرب، أما العايدون فهي تطلق على من غادر من غرب ليبيا تجاه تونس وغيرها.

في الحرب الأهلية الأولى، منتصف 2011، شهدت البلاد موجات نزوح كبيرة في معظم المدن، بعضهم عاد وبعضهم لم يعُد لبيته إلى اليوم. اليوم، عاد النزوح مجددًا لواجهة المشهد. في قاريونس، الضاحية الغربية لبنغازي، والتي يقع فيها معسكر17 فبراير، تساقطت الصواريخ والقذائف بالمنطقة الفاخرة نسبيًا، التي تضم المدينة الجامعية، ليفتك ضجيج الحرب بسكون الليل، ويعلو صفير الصواريخ المُرعب على صياح الديك الموقظ!

سيطّر القلق على أسرة سُعاد في ليلةٍ شديدة القصف. لم تهنأ العائلةُ، تلكَ الليلة، أبداً. تملّك الخوف من أبنائها الصغار، وافترشوا الدرج لعله يكون المكان الأشد أمانًا لهم إن اختار أحد الصواريخ العمياء أن يستقرّ فوق رؤوسهم. لكنهم نجوا بأعجوبة. لم يصدق ابنها الأصغر أنه خرج سالمًا من حيّهم. نزحوا إلى السلماني، الحي الأشد أمنًا نسبيًا. بعد أيام، شعروا بأن الوضع تحسّن، فعادوا مجددًا لبيتهم. البيت الدافئ الذي يفترض أن يقيهم كل شر. وما لبثوا أن عادوا لدارهم ليعيشوا على وقع ليلةٍ جديدة أشدّ من سابقتها، فعادوا نازحين كما في السابق. مضت الأيام وهم مُستقرّون عند أقربائهم في السلماني لاعنين الحرب، متمنين أن ينقضي الأمر على عجل؛ لكن الحرب كانت باقية بل وتتمدد؛ ماهي أسابيعٌ حتى تمدد القصف إلى حي بوعطني، جنوب شرقي بنغازي، حيث مُعسكر الصاعقة. ومن هناك نزحت عائلة محمد إلى نفس المكان: السلماني!

المشهد سريالي، اجتمعت العائلتان الأولى من قاريونس والثانية من بوعطني، حيث يقصف معكسر بالحي الأول المعسكر بالحي الثاني والعكس! سخرت العائلتان من بعضهما في مزاح، وماهي إلا لحظات بعد موجةٍ من البكاء على ما ذاقوه من رعب، حتى انهمك الرجال في التحليل والتخمين: من تقدم ومن تقهقّر، ومن سينتصر، بل في نقاشهم يؤكد الأول للثاني بأن هناك وثيقة استخباراتية تؤكد المعلومة كذا. هنا لعنة الفيس بوك تبدو جليّة؛ أما النسوة وفي منتصف الليل- وهنَّ متكئات على أرائكهن- تتبادلن الحديث ويعصرهن الألم لحال جيرانهن ومعارفهن مما أصابهم من حربٍ كانوا يخشونها، حولّت مواضيع حديثهن إلى الموت والدمار حصرًا

نُشر في هنا صوتك.

11-14

صورة أرشيفية – المصور عبدالله دومه ©

(1)

أناسٌ خرجوا للتظاهر ردوا عليهم بالمياه الساخنة والرصاص، الناس “دمها حامي” إقتحمت المعسكرات وتسلحت، ووحدات عسكرية انشقت.

(2)

حربٌ أعلنت بين جيشٍ ومتطوعين، وبين جيشٍ منشق ومتطوعين ايضًا.

(3)

حربٌ أهلية، سماها طرفٌ بالثورة المسلحة، والآخر أعلنها حرب للدفاع عن الوطن “وسلطة الشعب”.

(4)

لحماية المدنيين تدخلت دولٌ، سميت من الطرف الأول “طيوار ابابيل”، والآخر قاتلها وأعلن الحرب على العدو “الصليبي الغاشم” المستعمر.

(5)

إنتهى الأمر، أو هكذا قيل.

(6)

الحرب الأهلية الأولى كانت زلزال له إرتدادات

(7)

حروبٌ أهلية في الجنوب بين التبو والعرب؛ حروبٌ قبلية في غرب البلاد

(8)

الحرب الأهلية الباردة في طرابلس ما بين الزنتان ومصراتة مستمرة

(9)

حربٌ أهلية في بني وليد، تنتصر مصراتة فيها (أو درع ليبيا) أمام التلفزيون.

(10)

ماحكَّ المُماحِكون مُماحكاتهم السياسية، واختطف الخاطفون مخطوفيهم، وابتز المبتزون مُبتزِّيهم، وسار السائرون في غير مساراتهم.

(11)

ميليشيات نظامية تقاتل في ميليشيات شبه نظامية في بنغازي بإسم الحرب على الإرهاب في بنغازي والحفاظ على الثورة من الإنقلاب.

ميليشيات شبه نظامية تقاتل في ميليشيات شبه نظامية في طرابلس بإسم الثورة وعدم “سيطرة” ايدلوجية على البلاد.

(12)

حرب السياسة إنتهت، لا شيء يعلو فوق صوت السلاح

(13)

الغراد يقصف داخل المدن، لا بد أن تتجرع كل المدن من ذات الكأس، روح الإنتقام

(14)

برلمان يطالب بتدخل خارجي بعد ان عجز عن إيجاد حل وانفلت الأمر، “وطنيون” يرفضون تدخل الغرب لعدم “خيانة” الثورة.

(00)

ثلاث أعوام من الإحتراب الأهلي الدائم المتقطع، بلادٌ مزقها السلاح واستذكرت كل خلافاتها التاريخية او العرقية، أموال ضُخت لتزيد من النفوس الملوثة، بإسم الدين، وبإسم الوطن، وتارةً بإسم الشعب، وعادةً بإسم الثورة، قُتِل الشعب، من 2011 حتى 2014 وإلى ما بعده ظلَّ الليبييون يتقاتلون دون وعي؛ في البدء انقسم الشعب لقسمان (قسم مع الحرية وآخر عبيد للديكتاتورية) هكذا رأى الطرف الأول، أما الثاني فكان يرى ( قسم مع المستعمر، وقسمٌ يدافع عن الوطن) غاب الطرف الثاني وظل الطرف الأول منتصرًا، أو هكذا ظهر الأمر في البدء، إنقسمَ الأول فخونَّ أصدقاء الأمس بعضهم البعض، المال فعل.

تعطش الجميع للدم، عشقوه، أدمنوا عليه لحد الثمالة، ضجيج آلة الحرب قد يكون نشازًا بالنسبة لك، لكنه لهم أعذب صوت، ولا زقزقة العصافير يا أخي!؛ بادر البعض بمبادرات من أجل المبادرة، واطلق آخرين دعوات حوارٍ من أجل الحوار، وهكذا أستمر الأمر إلى فشل، نظِّمت إنتخابات من أجل الإنتخاب حتى صار لدينا إنتخاباتُ شبه نصف سنوية، تارة انتخاباتٌ محلية، وتارة اخرى تشريعية، وتارة دستورية، قد ننتخب حكومتنا غدًا من يدري؟

إستمرت الحرب، ووجد برلمانٌ جديد نفسه في قلب صراعات عسكرية تدك المدن، فكر في حوارٍ وفشل، فكر في ضغطٍ بواسطة تدخلٍ أجنبي، فنعث بالخائن “للثورة” تلك الثورة التي ما كاد لها ان تحيا لولا ذاك التدخل، هل التدخل هو سباب ما نحن فيه؟ ربما نعم، وربما لا؛ الأمر ينبثق من موقفك إتجاه الحدث، لكن اللعب والإزدواجية تجعلك كاذبًا لا يقيم لعقله وزنًا، ما تكذبش وتعيش كذبتك، ما بين 2011 إلى 2014 مافيش شيء تغير، حرب أهلية مستمرة وقودها الدم.

الحرب هنا مستطونة، في اللاوعي.

يوم أصبحت الآر بي جي لعبةً بيد الأطفال!

إنتشر مرخرًا فيديو (شاهده هنا) ذو جودة سيئة يظهر فيه طفل صغير يحمل قاذف آر بي جي بإشراف وتشجيع من ذويه يتحفز ليطلقه إتجاه البحر!، الغريب هو إرتكاز الطفل فلم يتزّعزع إطلاقًا، والمثير لتتقزز هو من يحيطون به الذين يطلبون منه سرعة الانجاز رفقة الشتم. في المجمل فإن معظم الليبيين هم مسلحين اليوم، وخلال السنوات الثلاث الأخيرة قُتل الكثير عن طريق الخطأ بسبب إستعمال السلاح احتفالاً بمناسبة ما حينًا، وبسبب تنظيف السلاح أو سوء تخزينه في احيان آخرى كثيرة!

السلاح اليوم إلى جانب ما يضيف لحامله من “جاه” ونفوذ فهو جالب ممتاز للمال مع انتشار الكتائب والمليشيات والوظيفة المثلى للعاطلين وغير العاطلين عن العمل.

في مطلع عام 2013 الماضي وتزامنًا مع دعوات للقيام بتظاهرات ضد المؤتمر الوطني العام – السلطة التشريعية آنذاك- من قبل التيار الفيدرالي، أعلن المؤتمر حالة الإستنفار متهمًا “أعداء ثورة 17 فبراير” بمحاولة القيام بثورة مضادة ونادى “الثوار” إلى أن يحموا الثورة فمنحت للمسلحين أموال طائلة نظير تأمين الشوارع طيلة منتصف شهر فبراير شباط من عام 2013 مما حفّز عدد من الاطفال للإنضمام إلى بعض المليشيات والتسّلح نظير الهبة المالية التي ستمنح لهم للقيام “بواجبهم الوطني” ذاك!

الجريمة ليست مسؤولية الطفل، إنما الأهل الذين يحفزون ابناءهم على سلك هذا المسار الخطير بمباركة المجتمع المسلح الذي أمسى فيه غير المسلح مواطن عدم، لا حق له.

“هيّا يا فرخ …” ثم قبّل جبين الطفل على إنجازه! إنجازه أن أطلّقَ..