arablog.org

حرب الإسلام ضد الإسلام

في طفولتنا كانت حروب العالم مقتصرة عندنا على الحرب الفسطينية-الإسرائيلية، اليهود الأشرار ونحن المسلمين الأخيار هكذا تربينا في غفلةٍ من أمرنا، لا يحتاج الأمر لأكثر من ذلك لشن الحروب، مُنذ القدم باسم الإسلام زحفت الجيوش لتستعمر مدنًا وقرى وتجتاح أقاليم، وباسم الصليب فُعل الأمر ذاته، فالدين له نكهة خاصة في الترويج للحرب.

في 2011 وعطفًا على إنتفاضة منتصف فبراير من العام نفسه، ظهر الإسلام منقسمًا بشكل فظيع -محليًا- فذات الإسلام الذي يكفِّر القذافي في بنغازي ويبارك التحالف الدولي ويصفه بطيور الأبابيل المناصرة للمستضعفين المسلمين من طغيان العقيد، ظهر الإسلام بشكلٍ مغاير تمامًا في طرابلس إسلامٌ يبارك للعقيد ولي الأمر الرشيد، ويجرم التحالف والإستقواء  بـ”الصليبيين”، وأعلنت حربًا دينية، كلاهما دعى لها نصرة لذاتِ الدين “نصرة الإسلام من الطاغوت” أذنَ المُنتفضين، “نصر الإسلام ضد الصليبيين” قال الآخرين، إنتهت حرب 2011 بإنتصار “الإسلام المحارب للطاغوت” وهكذا استمر الإسلام أداة نداء لكل حرب.

لم تتوقف الحروب الأهلية في ليبيا بعد 2011، حيث استمرت بمنحى قبلي مصغر في مناطق مختلفة دون إهتمام أو مبالاة فهي “شيء طبيعي” في ظل المناخ الحالي وظل المحللون يمتدحون الوضع وكيف أن الليبيين رغم كل هذا السلاح ينعمون برغد العيش والأمن النسبي الأفضل من أميركا، حتى اندلعت الحرب الأهلية 2014 المستمرة حتى اليوم، وكما جرت العادة نادى المتقاتلين الإسلام، فالدين صار كطبول الحرب.

هلموا لقتال كلاب النار، الخوارج” كان ذلك شعار مقاتلي “عملية الكرامة” التي تضم بالأساس ما تبقى من قوات الجيش بعد مئات عمليات الإغتيال بالتفجير والرصاص في عدة مدن ولو ان بنغازي احتضنت معظمها، وتحالف السلفيين معهم.

القتال لإعلاء كلمة التوحيد، وتدمير الطواغيت..” أعلن مقاتلي جماعة أنصار الشريعة ومن تحالف معهم في مواجهة مقاتلي عملية الكرامة الذين تم تكفيرهم جميعًا وعلى رأسهم قائدة العملية خليفة حفتر الذي وصف بالطاغوت، ولم يدم الحال طويلاً حتى خرج على المشهد تنظيم الدولة الإسلامية، وصار الإسلام يحارب إسلامًا، يحارب الإسلام!

أطفال بسرت يشاهدون رتل لجنود الدولة الإسلامية بولاية طرابلس (من حساب موالية للتنظيم)

أطفال بسرت يشاهدون رتل لجنود الدولة الإسلامية بولاية طرابلس (من حسابات على الإنترنت موالية للتنظيم)

في ظل بيئة داعمة للتطرف الديني من ناحية الفقر والتعليم السيء والفرص المنعدمة، يصير الخطاب الديني الداعي للعنف من قبل أي طرف وقود لإشعال محرقة حرب مستعرة؛ حربٌ وقودها الدين، تلتهم الشباب والأطفال في الأساس، وأشياء أخرى، وليس هدفها سوى النفط، وإن ظهرت أسباب أخرى للعلن لا علاقة لها بالنفط.

إسلام ضد إسلام، لأجل البترول!


العنوان مقتبس من كتاب للفيلسوف الصادق النيهوم، لم يصادف أن قرأته حتى الآن.

 

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *