arablog.org

متى ما حلت الحرب

قبل 5 سنوات لم أتصور يومًا أن تعصف بهذه البلاد الصحراوية المتربة الحارة المليئة بنتانة القاذورات والمجارير حربًا!، قبل 5 سنوات كنت لازلت طفلاً همّي الأكبر هو “أيام العجاج” التي تعكر مزاجي أو إنقطاع بث مسلسي الكارتوني لسببٍ أو لآخر، وهمّي الثنائي البعيد هو ما صار لنا اليوم ملازمًا، “السياسة”، في تلك الأيام لم يكن هناك ما يوحي بأن حربًا ستدور هنا فلا خطر خارجي، ولا خطر داخلي، ذلك ما كان يبدو لوهلة، لكن الأمور سريعة التغير.

حينما تندلع الحرب ينفلت العِقد، وتصير الأمور مجنونة – بجنون تطاير حبات اللؤلؤ من العقد تمامًا، الفرق بين لآلي العقد والحرب هي أن الأولى لن تأخد إلا ثواني حتى تهفت وتستقر وإن تناثرت في كل مكان، غير إن الحرب ليست مسألة أيام لتهفت، وجمع ما تمزقه ليس بالهين هي الأخرى.

في الحروب الأهلية يندفع الجميع بجنون لدعم ومناصرة الجانب الذي هم لهم يميلون قد تكون حربًا أهلية طاحنة من أجل سلطان، أو من أجل ثروة، أو من أجل دين، قد تكون مجرد حرب من أجل وهم.

بعد الحرب، يندم النادمون المندفعون على ما هم فيه، يقتل الأول الثاني، لأجل شيء نبيل كما يظن، فينتقم ذوي الثاني من الأول للشيء النبيل الذين يظنون به، وتستمر سلسلة الإنتقام، في الحروب يصير الإنسان متوحشًا ونادرًا ما تبقى حالته الإنسانية سالمًا، فتصير أعمال التمثيل بالجثت شيئًا هينًا من أشياء أشد فظاعةً، ولا بأس طالما كل هذا ظل في السر، ولا بأس حتى إن ظهر في العلن، فالعذر سيكون موجود من محامي الشيطان لكلا الأطراف، فهم بشر وما أرتكب فيهم ليس بقليل والإنتقام غلبهم فاغفروا لهم، ومن الأسهل الإنكار.

قد تندلع حرب بين أطرافٍ عدة وكلهم لأجل “الشيء النبيل” ذاته، قد يتقاتل إثنان وكلاهما يقاتلان من أجل الوطن، وقد يفعل الإثنان من أجل الدين، وقد يتقاتلان أيضًا من أجل الثروة – ليس من أجل نهبها بل لحمايتها- هكذا سيقال.

في الحرب لكي تسلم، تسلم روابطك من أصدقائك وأهلك، عليك أن تصمت، أن تقتل فمك، وتتماهى معهم حتى لا تخسرهم؛ في الحرب متى بدأت عليك أن تستعد لأن تفقد أعز الأشخاص لديك، فعلم الإحتمالات يقول أن الإحتمالات بذلك مرتفعة.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *